الدم وأثره في الصوم
Publish Date : 2021-03-04
Views: 1849
download: 0
-
There are no files to download
الدم وأثره في الصوم([1])
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه أجمعين؛ أما بعد: فيتساءل البعض عن أثر خروج الدم من الصائم -أو إدخاله فيه- على الصيام، ويمكن تفصيل ذلك في خمس مسائل؛ كما يأتي:
الأولى: حقن الدم في الصائم المريض، يفسد الصوم؛ لأن الدم هو الغاية من الطعام والشراب. ومثله: تعمد بلع الدم من سنٍّ، أو جرحٍ، ونحوهما.
الثانية: خروج دم الحيض والنفاس، مفسد للصيام؛ لقول النبي ﷺ: «أَلَيْسَ إِذَا حَاضَتْ لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُمْ؟»([2])، ولإجماع العلماء على ذلك.
الثالثة: الحجامة:
الصحيح من أقوال أهل العلم: أن الحجامة تُكرَه للصائم، ولكنها لا تفسد صومه، وهو قول جمهور العلماء؛ للجمع بين الأحاديث الواردة في ذلك، فمنها ما يدل على أن الحجامة تفطر، مثل: ما جاء عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ، قَالَ: مَرَرْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ فِي ثَمَانِ عَشْرَةَ لَيْلَةً خَلَتْ مِنْ رَمَضَانَ، فَأَبْصَرَ رَجُلًا يَحْتَجِمُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ»([3]).
ومنها -وهو الأكثر- ما يدل على أنها لا تفطر، مثل: ما جاء عنِ ابنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما-: «أنَّ النَّبِيَّ ﷺ احْتَجَمَ وهو مُحْرِمٌ، واحْتَجَمَ وهو صائِمٌ»([4])، وما جاء عن شُعْبَةُ قَالَ: "سَمِعْتُ ثَابِتً الْبُنَانِيَّ يَسْأَلُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ -رضي الله عنه-: «أَكُنْتُمْ تَكْرَهُونَ الْحِجَامَةَ لِلصَّائِمِ؟ قَالَ: لَا، إِلَّا مِنْ أَجْلِ الضَّعْفِ». وَزَادَ شَبَابَةُ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ: عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ ﷺ"([5])، وما جاء عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: أَوَّلُ مَا كُرِهَتِ الْحِجَامَةُ لِلصَّائِمِ: أَنَّ جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ احْتَجَمَ وَهُوَ صَائِمٌ، فَمَرَّ بِهِ النَّبِيُّ ﷺ، فَقَالَ: «أَفْطَرَ هَذَانِ»، ثُمَّ رَخَّصَ النَّبِيُّ ﷺ بَعْدُ فِي الْحِجَامَةِ لِلصَّائِمِ، وَكَانَ أَنَسٌ يَحْتَجِمُ وَهُوَ صَائِمٌ.([6]).
ومثلها: الفصد والشرط، لا يفسدان الصوم؛ فلا دليل على ذلك، وقياساً على الحجامة.
الرابعة: سحب الدم من الصائم:
الصحيح من أقوال أهل العلم أن سحب الدم لا يفسد الصوم سواء أكان للتحليل أم للتبرع، وحتى لو كان الدم المسحوب كثيراً، وذلك قياساً على الحجامة.
الخامسة: خروج الدم من الإنسان بغير قصد، لا يفسد الصوم، سواء أكان من جرح في بدنه أم من سن أم رعاف أم باسور أم استحاضة، ونحو ذلك، وسواء أكان الدم كثيراً أم قليلاً، إذا لم يتعمد الصائم بلع الدم؛ لأنه خرج بغير اختياره، ولأن الأصل صحة الصيام حتى يأتي دليل على فساده، ولا دليل.
([1]( انظر: مجموع فتاوى ومقالات متنوعة (15/271-274)، فتاوى اللجنة الدائمة (10/261-268)، مجالس رمضان ص (66-67)، مجموع فتاوى محمد العثيمين (19/239-256).
([2]( رواه البخاري (304).
([3]( رواه أحمد (١٧١١٩) واللفظ له، وأبو داود (2369)، والنسائي في الكبرى (3126)، وابن ماجه (1681)، وصححه البخاري في العلل الكبير (121) وقال: ليس في هذا الباب شيء أصح من حديث شداد بن أوس وثوبان كلاهما عندي صحيح، وصححه علي بن المديني وإسحاق بن راهويه والإمام أحمد، كما في تنقيح التحقيق للذهبي (2/319)، والدارمي في الكبير (4/265)، وابن القيم في تهذيب السنن (6/495)، والألباني في صحيح أبي داود (2369)، وقال شعيب الأرنؤوط -في تحقيقه على المسند-: "إسناده صحيح على شرط مسلم".
([4]( رواه البخاري (١٩٣٨).
([5]( رواه البخاري (1940).
([6]( رواه الدارقطني في سنننه (3/ 149)، برقم (٢٢٦٠). وقال: "[رجاله] كُلُّهُمْ ثِقَاتٌ، وَلَا أَعْلَمُ لَهُ عِلَّةً!"، قال الشيخ الألباني رحمه الله: "أخرجه الدارقطني، وعنه البيهقي، وقال الأول منهما -وأقره الآخر-: "كلهم ثقات، ولا أعلم له علة". وهو كما قالا" (إرواء الغليل) (4/73).
Suggested Articles

حكم اقتناء شجرة الكريسماس
يقدم ا.د حمد بن محمد الهاجرى مقال بعنوان حكم اقتناء شجرة الكريسماس
950
0

حكم تجنيد المرأة وعملها ف...
يقدم ا.د حمد بن محمد الهاجرى مقال بعنوان حكم تجنيد المرأة وعملها في الجيش
1805
16

إبراء الذمة بكشف ما في ع...
يقدم ا.د حمد بن محمد الهاجرى مقال بعنوان إبراء الذمة بكشف ما في عاشوراء من...
2074
43
Comments
Add Comment