الرد على شبهات الددو حول اختيار الحاكم وعزله

Publish Date : 2025-10-12

Views: 271

download: 5

Share



بسم الله الرحمن الرحيم

الرد على شبهات الددو حول اختيار الحاكم وعزله

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على الرسول الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:

فما زال دعاة الضلال من الحزبيين -وغيرهم- يلبّسون على الناس دينهم، ويزيّنون للعوام باطلهم، ويدسون عليهم شبهاتهم.

ومن ذلك: ما انتشر هذه الأيام عن المدعو محمد الحسن الددو "أنّ النبي ﷺ لم يَكتب للأمة دستورًا، ولم يبيِّن لها طريقة اختيار الحاكم ومحاسبته وعزله، ولم يعيِّن لنا حاكمًا معيَّنًا".

وهذا الكلام ظاهره؛ تخوينٌ واتهام للنبي ﷺ بالتقصير في الإبلاغ، أو الكتمان وعدم النصح -والعياذ بالله-، على أن تفاصيل هذا الكلام -أيضًا- غير صحيحة، وذلك من وجوه:

أولًا: كلمة الدستور في لغة العصر عبارة عن "نظام الحكم العام، والقانون الذي يحدد الواجبات والحقوق المتعلقة بالراعي والرعية"، والنبي ﷺ قد ترك للأمة الكتاب والسنّة؛ لا يضل مَن تمسك بهما، فأي دستور للمسلم أعظم من الوحي؟؟!!

ثانيًا: أشار النبي ﷺ إلى خلافة أبي بكر -رضي الله عنه- إشارة قوية؛ ليكون حاكمًا للأمة بعده، ففي الصحيحين: «أَتَتِ النَّبِيَّ ﷺ امْرَأَةٌ، فَكَلَّمَتْهُ فِي شَيْءٍ، فَأَمَرَهَا أَنْ تَرْجِعَ إِلَيْهِ، قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَرَأَيْتَ إِنْ جِئْتُ وَلَمْ أَجِدْكَ! كَأَنَّهَا تُرِيدُ الْمَوْتَ، قَالَ: " إِنْ لَمْ تَجِدِينِي، فَأْتِي أَبَا بَكْرٍ». متفق عليه.

وفيهما: أن النبي ﷺ قال في مرضه: «مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ»، وفهم الصحابة ومن بعدهم العلماء أنه يرشد إلى خلافته -رضي الله عنه-، قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ: "قِيلَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (الإمام أحمد): قَوْلُ النَّبِيِّ ﷺ: يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ، فَلَمَّا مَرِضَ رَسُولُ ﷺ قَالَ: «قَدِّمُوا أَبَا بَكْرٍ يُصَلِّي بِالنَّاسِ»، وَقَدْ كَانَ فِي الْقَوْمِ مَنْ أَقْرَأُ مِنْ أَبِي بَكْرٍ؟! فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: ‌إِنَّمَا ‌أَرَادَ ‌الْخِلَافَةَ". (السنة لأبي بكر بن الخلال 2/301).

فدل هذا -أيضًا- على بطلان إطلاق القول بأنّ النبي ﷺ لم يعيّن لنا حاكمًا معينًا؛ لأنّ ظاهره يفيد إرشاد النبي ﷺ إلى استخلاف أبي بكر -رضي الله عنه-.

ثالثًا: قد بيّن النبي ﷺ طريقة محاسبة الحاكم عندما يصدر منه ما لا يُرتضَى، حيث قال -عليه الصلاة والسلام-: «إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً وَأُمُورًا تُنْكِرُونَهَا». قَالُوا: فَمَا تَأْمُرُنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ:" أَدُّوا إِلَيْهِمْ حَقَّهُمْ، وَسَلُوا اللَّهَ حَقَّكُمْ»، متفق عليه.

رابعًا: قد بيّن النبي ﷺ -أيضًا- متى يجوز عزل الحاكم ومنازعته الأمر -إن قُدر عليه-، وأن ذلك حين يصدر منه كفر بواح، قال عبادة -رضي الله عنه-: «دعانا رسول الله ﷺ فَبَايَعْنَاهُ، فَكَانَ فِيمَا أَخَذَ عَلَيْنَا: أَنْ بَايَعَنَا عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي مَنْشَطِنَا وَمَكْرَهِنَا، وَعُسْرِنَا وَيُسْرِنَا، وَأَثَرَةٍ عَلَيْنَا، وَأَنْ لَا نُنَازِعَ الْأَمْرَ أَهْلَهُ، قَالَ: إِلَّا أَنْ تَرَوْا كُفْرًا بَوَاحًا عِنْدَكُمْ مِنَ اللَّهِ فِيهِ بُرْهَانٌ». متفق عليه.

خامسًا: أنّ عدم تنصيص وتحديد النبي ﷺ على طريقة اختيار الحاكم، لا يدل على إهمال بيان ذلك في الشرع، فقد ضمن للأمة أنها لا تجتمع على ضلالة، فدل ذلك على حجيّة الإجماع، فكانت الطرق التي أجمع عليها السلف لاختيار الحاكم؛ طرقًا مشروعة، كاختيار أهل الحل والعقد، أو ولاية العهد.

وهذا كله واضح في الشرع، وفي أصول أهل السنّة والجماعة، وفي مؤلفات العلماء في السياسة الشرعية، ولكن ذلك الحزبي المبتدع لا يعجبه التوجيهات الشرعية السلفية في ولاة الأمر، فيتهم النبي ﷺ بهذه التّهم؛ ليثبت للعوام أن الناس في سعة من أمر عزل الحاكم والخروج عليه ومحاسبته بالطريقة التي يريدونها؛ مدعيًا أن الشارع لم يقيّد في ذلك شيئًا ولم يبيّن فيه أحكامًا، وهذا كله بهتان وضلال وتلبيس -كما تقدم-.

فتبين بهذا بطلان ما أشاعه ذلك الحزبي، وخطورة توجيه مثل هذه التهم إلى النبي ﷺ، نسأل الله السلامة والعافية.

 


Comments

no comments

Add Comment

You Have reached the limit

0 /