الرد على من ادعي استبداد أبي بكر رضي الله عنه بالرأي في أول حكمه


بسم الله الرحمن الرحيم

الرد على مَن ادعي استبداد أبي بكر -رضي الله- عنه بالرأي في أول حكمه

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على الرسول الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:

فمن الأباطيل التي تنتشر هذه الأيام عن ذوي الأفكار الحزبية الضالة: "أن أبا بكر -رضي الله عنه- كان خليفة مستبداً في أول حكمه"! ولا ريب أن هذا باطل ومنكر، وذلك من وجوه:

أولاً: أن كلمة "الاستبداد" في عصرنا يُقصد بها التعسف والانفراد بالأمر، فيكون إطلاقها على الخليفة الراشد أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- انتقاصاً له، وسوءَ أدب معه.

وانتقاص واحد من الصحابة من علامات أهل البدع المخالفين لعقيدة أهل السنّة، فكيف بانتقاص أفضل الصحابة؟ قال الإمام أحمد -رحمه الله-: "ومًن انْتقصَ أحدا من أَصْحَاب رَسُول الله ﷺ، أَو بغضه بِحَدَث مِنْهُ، أَو ذكر مساويه؛ كَانَ مبتدعاً حَتَّى يترحم عَلَيْهِم جَمِيعاً، وَيكون قلبه لَهُم سليما". (أصول السنّة للإمام أحمد ابن حنبل 1/54).

ثانياً: دعوى أن أبا بكر كان ينفرد بالرأي في أول حكمه؛ باطلة، بل قد استشار الصحابة في أول أعماله بعد تولي الخلافة -عند تنفيذ جيش أسامة- فقال: "إِنَّكُمْ قَدْ عَلِمْتُمْ أنَّهُ قَدْ كَانَ مِنْ عَهْدِ رَسُولِ اللهِ ﷺ الْمَشُورَةُ فِيمَا لَمْ يَمْضِ مِنْ نَبِيَّكُمْ فِيهِ سُنَّةٌ، وَلَمْ يَنْزِلْ عَلَيْكُمْ بِهِ كِتَابٌ، وَقَدْ أَشَرْتُمْ وَسَأُشِيرُ عَلَيْكُمْ، فَانظُرُوا أرْشَدَ ذَلِكَ فَائتَمِرُوا بِه؛ فَإِنَّ اللهَ لَنْ يَجْمَعَكُمْ عَلَى ضَلَالَةٍ". (الجامع الكبير للسيوطي 14/409).

ثالثاً: أنّ أبا بكر كان إذا اختار رأياً خالف فيه رأي بعض الصحابة، إنما يستدل على اختياره بالوحي، إذا رأوا قوة حجته انقادوا لرأيه، كما حدث في اختياره لسرعة تنفيذ جيش أسامة وعدم تأخير ذلك لأجل قتال أهل الردة، وكذا في اختياره لقتال مانعي الزكاة؛ لأنها قرينة الصلاة في كتاب الله، فيقاتل مَن فرَّق بينهما.

رابعاً: قد تقرر عند العلماء أنّ خيار الإمام يحسم الخلاف، وأن ولي الأمر يطاع في المسائل الخلافية ولا يطيع غيرَه، وعليه؛ متى كانت المسألة خلافية، واختار الحاكم أحد الأقوال؛ فخياره مُلزِم، وهذه قاعدة عند العلماء، فلا يعدّ استبداداً.

 


Comments

no comments

Add Comment

You Have reached the limit

0 /